الأربعاء، 18 مايو 2011

لا تجعل ابنك فأرا فهو كتاب(محمد لعجايلية)

ياله من موقف محزن هذا الذي عشت لحظات مسلسله وأنا سائر بين محطات الحياة أبحث عن وطن يأويني ويحتضن أحلامي وامالي اللامنتهية والتي تصب في خانة الصفر بعد الرقم واحد غير أني أومن أنه سيأتي يوم تحول أقداري خانة الصفر قبل الواحد لا بعده .

كنت ساعتها في إحدى المقاهي التي نذرت نفسها لتحمي هؤلاء المساكين من مغبة الإنتظار على أرصفة الطرقات كأشباه المتسولين وكلهم جالس على جمر بدل مقعد ينتظر رنين هاتفه ليأتي صوت يريحه ويقول له : هل أتممت عملك ....إذا كان كذلك هلم بنا للعودة إلى الديار ...؟ إن هته الكلمات الموجزة أثلجت صدورهم وأزاحت هما كبيرا كان يثقل كواهنهم ...أوليست هته المقاهي تنهب جيوبهم لأجل الإنتظار...؟

كنت قد أخرجت ورقة وقلما كانا بحوزتي علي أضيع بعض الوثت خوفا من التسول على حافة الطرقات كغيري ممن لا يملكون ثمن فنجان قهوة ...أنا على تلك الحلة أخط سطور هته الورقة البيضاء وإذا بطفل في العاشرة من عمره يدخل مسرعا و يتجه نحو نقطة التخليص أين كان يقف صاحب المقهى بجانبها .

طفل بدت عليه الشقاوة والمشاكسة في سنه المبكرة كطبع أبيه الذي اكتشفت أنه صاحب المقهى ...انسدلت يد هذا الطفل إلى صندوق التخليص و سحب منه ورقة نقدية بقيمة خمسمائة دينار ...أنا الذي لم أكن أحملها في هذا اليوم ...اللهم لا حسد لكنها الحقيقة , فيقف أبوه وهو يصيح به قائلا : خذ الأخرى بقيمة ماءتي دينار واترك تينك ...إلا أن الفتى أعلا صراخه بمرتبة أكثر من أبيه وقال : لا تكفني أريد هته ...فينصاع الأب ويقول له : خذها واغرب عن وجهي .

لكن إلى أين أيها الاب ؟ أتترك ابنك يحمل ورقة بقيمة خمسمائة دينار وتقول له أغرب عن وجهي ...

إن مثلك أيها الأب كمثل فأرة أرسلت صغيرها ليلهو مع صغار قطة فما كان منهم إلا أن لهوا به ثم اخذوه عشاءهم ...

إن ابنك يا سيدي في ريعان طفولته كتاب بصفحات بيضاء تنتظرك أنت لتخط عليها امضاءاتك لأنه ليس أوعى منك وأدرى بما يجب ان تملأ به هته الصفحات في مثل هذا العمر ...غير أنك يا سيدي تركت لغيرك الكتابة والإمضاء مع سبق الإصرار والتخليص بورقة نقدية من فئة الخمسمائة دينار....تركت للشارع أن يحمله قذارته المرمية على أرصفته ....تركت لهته الصفحات البيضاء أن تتسخ لما حملته هته الأرصفة من وساخة .

بالله عليك أين يمكن أن يذهب ؟ تخيل معي ....:

أرجح أنه سيذهب إلى قاعة ألعاب أين سيجد ألعاب فيديو تحت وصاية أشخاص لا يهمهم عمر الزبائن بقدر ما يهمهم عمر حافظاتهم ....هذا أحسن افتراض وأقلهم ضررا .

ماذا لو جاس مجموعة ممن لا يخافون الله ليعلموه التدخين طالما كان يملك ثمنها ...لم لا يعلمونه المخدرات أيضا ...أو أسوء منهما أن يقتله أحدهم من أجل الخمسمائة دينار ....لا قدر الله .

بالله عليك سيدي أهذا يرضيك ؟...أهذا يشفي استهتارك ؟...أهذا ما أملته عليك حق الأبوة لهذا الطفل ...؟

بئسا لأبوتك التي أعطتك الحق لفعل هذا ...وبئسا لضميرك الذي خرص الحق فيه ارضاء لهواك ...وبئسا لعرق جبينك وراحة بالك على حساب ابن من صلبك تزج به في ظلمات الحياة .

لم أستفق من هته الحسرات إلا صوت رنين هاتفي يقول لي : هل أتممت عملك ؟...إذا كان كذلك هلم بنا للعودة إلى الديار ...حملت نفسي لحظتها متثاقلا بظلم هذا الرجل ابنه ...وهممت بركوب السيارة لحظتها عاد الفتى متباكيا متشاكيا يقول :... أبي قد ضربتني أمي واخذت مني النقود...

حمدت الله لحظتها وشكرته أن لهذا الطفل أما لم تشأ أن تجعل من ابنها فأرا ترسله ليلهو مع القطط ...

محمد لعجايلية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الأربعاء، 18 مايو 2011

لا تجعل ابنك فأرا فهو كتاب(محمد لعجايلية)

ياله من موقف محزن هذا الذي عشت لحظات مسلسله وأنا سائر بين محطات الحياة أبحث عن وطن يأويني ويحتضن أحلامي وامالي اللامنتهية والتي تصب في خانة الصفر بعد الرقم واحد غير أني أومن أنه سيأتي يوم تحول أقداري خانة الصفر قبل الواحد لا بعده .

كنت ساعتها في إحدى المقاهي التي نذرت نفسها لتحمي هؤلاء المساكين من مغبة الإنتظار على أرصفة الطرقات كأشباه المتسولين وكلهم جالس على جمر بدل مقعد ينتظر رنين هاتفه ليأتي صوت يريحه ويقول له : هل أتممت عملك ....إذا كان كذلك هلم بنا للعودة إلى الديار ...؟ إن هته الكلمات الموجزة أثلجت صدورهم وأزاحت هما كبيرا كان يثقل كواهنهم ...أوليست هته المقاهي تنهب جيوبهم لأجل الإنتظار...؟

كنت قد أخرجت ورقة وقلما كانا بحوزتي علي أضيع بعض الوثت خوفا من التسول على حافة الطرقات كغيري ممن لا يملكون ثمن فنجان قهوة ...أنا على تلك الحلة أخط سطور هته الورقة البيضاء وإذا بطفل في العاشرة من عمره يدخل مسرعا و يتجه نحو نقطة التخليص أين كان يقف صاحب المقهى بجانبها .

طفل بدت عليه الشقاوة والمشاكسة في سنه المبكرة كطبع أبيه الذي اكتشفت أنه صاحب المقهى ...انسدلت يد هذا الطفل إلى صندوق التخليص و سحب منه ورقة نقدية بقيمة خمسمائة دينار ...أنا الذي لم أكن أحملها في هذا اليوم ...اللهم لا حسد لكنها الحقيقة , فيقف أبوه وهو يصيح به قائلا : خذ الأخرى بقيمة ماءتي دينار واترك تينك ...إلا أن الفتى أعلا صراخه بمرتبة أكثر من أبيه وقال : لا تكفني أريد هته ...فينصاع الأب ويقول له : خذها واغرب عن وجهي .

لكن إلى أين أيها الاب ؟ أتترك ابنك يحمل ورقة بقيمة خمسمائة دينار وتقول له أغرب عن وجهي ...

إن مثلك أيها الأب كمثل فأرة أرسلت صغيرها ليلهو مع صغار قطة فما كان منهم إلا أن لهوا به ثم اخذوه عشاءهم ...

إن ابنك يا سيدي في ريعان طفولته كتاب بصفحات بيضاء تنتظرك أنت لتخط عليها امضاءاتك لأنه ليس أوعى منك وأدرى بما يجب ان تملأ به هته الصفحات في مثل هذا العمر ...غير أنك يا سيدي تركت لغيرك الكتابة والإمضاء مع سبق الإصرار والتخليص بورقة نقدية من فئة الخمسمائة دينار....تركت للشارع أن يحمله قذارته المرمية على أرصفته ....تركت لهته الصفحات البيضاء أن تتسخ لما حملته هته الأرصفة من وساخة .

بالله عليك أين يمكن أن يذهب ؟ تخيل معي ....:

أرجح أنه سيذهب إلى قاعة ألعاب أين سيجد ألعاب فيديو تحت وصاية أشخاص لا يهمهم عمر الزبائن بقدر ما يهمهم عمر حافظاتهم ....هذا أحسن افتراض وأقلهم ضررا .

ماذا لو جاس مجموعة ممن لا يخافون الله ليعلموه التدخين طالما كان يملك ثمنها ...لم لا يعلمونه المخدرات أيضا ...أو أسوء منهما أن يقتله أحدهم من أجل الخمسمائة دينار ....لا قدر الله .

بالله عليك سيدي أهذا يرضيك ؟...أهذا يشفي استهتارك ؟...أهذا ما أملته عليك حق الأبوة لهذا الطفل ...؟

بئسا لأبوتك التي أعطتك الحق لفعل هذا ...وبئسا لضميرك الذي خرص الحق فيه ارضاء لهواك ...وبئسا لعرق جبينك وراحة بالك على حساب ابن من صلبك تزج به في ظلمات الحياة .

لم أستفق من هته الحسرات إلا صوت رنين هاتفي يقول لي : هل أتممت عملك ؟...إذا كان كذلك هلم بنا للعودة إلى الديار ...حملت نفسي لحظتها متثاقلا بظلم هذا الرجل ابنه ...وهممت بركوب السيارة لحظتها عاد الفتى متباكيا متشاكيا يقول :... أبي قد ضربتني أمي واخذت مني النقود...

حمدت الله لحظتها وشكرته أن لهذا الطفل أما لم تشأ أن تجعل من ابنها فأرا ترسله ليلهو مع القطط ...

محمد لعجايلية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق